ظهور الانترنت قد أحدث ثورة معلوماتية، حيث أصبحت المعلومات متاحة للجميع في جميع المجالات، مما أدى في النهاية إلى زيادة وعي الجمهور حول العديد من الموضوعات. ومن بين هذه المجالات، لا شك أن العلوم الطبية كانت واحدة من تلك العلوم التي ساهمت الإنترنت فيها بشكل كبير، مما أدى بالطبيعة إلى زيادة كبيرة في الوعي الصحي العام. في هذا المقال، سنتحدث عن دور الإنترنت كمصدر للمعلومات الطبية ونسلط الضوء على الفوائد والتحذيرات المتعلقة بهذا الموضوع.
الوعي الصحي والإنترنت
تحديث الإنترنت المستمر وتوافر المعلومات الطبية عبر الشبكة العنكبوتية، قد أسهم بشكل كبير في زيادة الوعي الصحي لدى الجمهور. فالأشخاص الآن قادرون على الحصول على معلومات موثوقة عن الأمراض والعلاجات المختلفة، وهذا يمكنهم من فهم حالتهم الصحية بشكل أفضل واتخاذ القرارات المناسبة بناءً على المعلومات الصحيحة.
القلق والتوتر بسبب الإنترنت
على الرغم من الفوائد الهائلة التي يوفرها الإنترنت في نشر الوعي الصحي، إلا أنه يمكن أن يسبب بعض الآثار السلبية. أحد تلك الآثار هو نشر القلق والتوتر بين الجمهور المتابع للمعلومات الطبية عبر الإنترنت. لنوضح ذلك بالمثال التالي:
فرضًا أن هناك مريض يعاني من التهاب في الجيوب الأنفية، وهو من الأمراض التي يمكن وصفها بأنها مزعجة وغير خطيرة. قد يتعود المريض على حالته مع مرور الوقت وكيفية التعامل معها بناءً على التوجيهات الطبية. ولكن إذا قرأ المريض معلومات كثيرة عن التهاب الجيوب الأنفية والأدوية المتعلقة بها والآثار الجانبية لهذه الأدوية، فقد يبدأ في التوهم والاعتقاد أن كل ما قرأه ينطبق عليه. وبالتالي، قد يتجه المريض لزيارة أكثر من طبيب واستشارة تخصصات متعددة وإجراء فحوصات مكررة، وهو أمر يمكن السيطرة عليه بسهولة إذا اتبع توجيهات الطبيب الأول واكتفى بفهم عام حول الموضوع من خلال الإنترنت.
متلازمة طالب الطب
تشابه حالة المرضى القلقين بسبب الإنترنت مع حالة معروفة باسم “متلازمة طالب الطب”. هذه المتلازمة تحدث لطلاب الطب الذين يصبحون وسواسيين بعض الشيء بناءً على الأعراض العادية التي قد تشبه أعراض أمراض أخرى خطيرة. كلما تعلم الطالب في الكلية عن مرض جديد وخطير، يتوهم لفترة أنه قد يكون مصابًا بذلك المرض. هذا التوهم ينتج عن اقتناع الشخص بذلك بناءً على المعلومات التي استقاها من الإنترنت، دون تقييم متزن للمعلومات من قبل خبراء طبيين.
تجنب القلق بسبب الإنترنت
لتفادي القلق الناتج عن استخدام الإنترنت للحصول على المعلومات الطبية، إليك بعض النصائح التي قد تكون مفيدة:
1. معرفة المعلومات الكاملة:
عند البحث عن معلومات طبية عبر الإنترنت، قد تصادف بعض المعلومات الغير كاملة والمجتزأة. يجب عليك أن تدرك أن هذه المعلومات لا تعطيك الصورة الكاملة، وقد تسبب لك قلقًا زائدًا. حاول أن تضع المعلومات في سياقها الكلي وتتواصل مع خبراء طبيين للحصول على توضيحات إضافية.
2. التواصل مع مختصين موثوق بهم:
عندما تواجه أي مشكلة صحية أو تشعر بالقلق، استعن بمختصين موثوق بهم وتثق في رأيهم. قد يكون طبيبك الخاص أو طبيب مختص آخر قادرًا على توفير الإجابات والتوضيحات التي تحتاجها بناءً على خبرتهم.
3. تجنب نصائح غير موثوقة:
تجنب الاستماع إلى النصائح الطبية غير الموثوقة من الأشخاص غير المختصين. قد يسبب لك الاستماع إلى هذه النصائح قلقًا زائدًا وقد تكون مبنية على معلومات خاطئة.
4. تحذيرات التعريب:
عندما يتم تعريب المعلومات الطبية، فقد يحدث تجاوز غير مقصود في بعض الألفاظ. قد تحدث بعض الإشكاليات في فهم المعلومات المعربة، لذا يجب أن تكون حذرًا وتفهم المعلومات بشكل دقيق.
الختام
الإنترنت يعد بالفعل مصدرًا قيمًا للمعلومات الطبية، ويمكن للأشخاص الحصول على فوائد هائلة من استخدامه في زيادة وعيهم الصحي. ومع ذلك، يجب علينا أن نكون حذرين ونتعامل بحذر مع المعلومات الموجودة على الإنترنت. من المهم أن نتواصل مع خبراء طبيين موثوق بهم ونفهم المعلومات في سياقها الكلي لتجنب القلق الزائد واتخاذ القرارات الصحيحة بناءً على المعلومات الصحيحة والموثوقة.
سبحان الله وبحمده، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.